تعتبر الموسيقى والثقافة أدوات قوية تعبر عن الهوية الوطنية والاحساس بالانتماء،في هذا السياق، تتبوأ الفنانة الكبيرة فيروز مكانة مرموقة في قلوب السوريين، حيث جاءت أغانيها لتعبر عن تطلعاتهم وآمالهم في ظل الظروف السياسية والاجتماعية المتقلبة،بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 وهزات النزاع التي شهدتها البلاد، ظهر دور الموسيقى وخصوصًا أغاني فيروز كاشفًا عن تحولات جذرية في المشهد الثقافي، إذ أصبحت رموزًا للحماسة والأمل، في الوقت الذي كانت فيه البلاد تشهد تصاعد العنف والقمع.
سيطرة الفصائل المسلحة وقرارات منع الأغاني
تمكنت الفصائل المسلحة من السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي يقع في ساحة الأمويين بدمشق،وقد أسفر هذا التطور عن إسقاط نظام بشار الأسد، مما دفع الفصائل إلى اتخاذ قرار بمنع إذاعة أغاني الفنانة الكبيرة فيروز، بدعوى علاقتها بالنظام السابق،هذه الخطوة ليست مجرد منع فني، بل تمثل محاولة لتغيير نمط الثقافة والفن بما يتماشى مع متطلبات السلطة الجديدة، مما يعكس تحولًا كبيرًا في الإطار الثقافي للمجتمع السوري بعد سنوات من القمع.
أغاني فيروز كرمز للأمل والتغيير
لا يمكن إنكار أن أغاني فيروز كانت بمثابة رمز للأمل في النفوس، إذ ارتبطت بثورة السوريين ضد الظلم، وقدمت رسائل قوية تعبر عن تطلعاتهم نحو الحرية والكرامة. تميزت أغانيها بالحماس والروح الوطنية، مثل “طلعنا عالحرية”، و”إلى متى يا رب”، و”كان عنا طاحونة”، التي اختزنت في طياتها مشاعر وقيم عميقة تدعو إلى التغيير والتطلع نحو مستقبل أفضل،إن فيروز ليست مجرد مغنية؛ بل هي رمز يعبر عن وحدة الشعور الإنساني لدى العديد من الشعوب العربية.
قلة من الأعمال ومكانتها الثقافية
قدمت فيروز طيلة مسيرتها الفنية نحو 1500 أغنية، وأصدرت حوالي 800 منها، بالإضافة إلى 85 ألبومًا حتى عام 2017،تميز صوتها بنقاء وعذوبة فريدة، مما جعلها الكنوز الفنية الحية التي تستحق أن تُحتفى بها،كانت أغانيها تنقل مشاعر الحب والسلام، وتدعو للتآلف بين الناس، مما يسهم في تعزيز الهوية الثقافية،رغم الظروف الصعبة التي تمر بها بلادها، تظل فيروز مثالاً للصمود وقوة الموسيقى في التأثير على المجتمع.
تشكل قصة منع أغاني فيروز تعبيرًا عن التغيرات العميقة التي تمر بها الثقافة السورية، ويعكس الصراع بين الماضي والحاضر، وكذلك بين الفنون والسلطة،تظل أغانيها رمزًا للحرية والتوق إلى التغيير، مما يجعلها لا تزال حية في وجدان الناس،إن إعادة التفكير في دور الموسيقى والفن في التعبير عن الهوية والانتماء أمر لا بد منه في ضوء التحولات المستمرة في الواقع السوري.